فصل: تفسير الآيات (176- 191):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168)}.
قوله: {لِعَمَلِكُمْ}: كقولِه: {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} [الأعراف: 21] وقد تقدَّم. وقيل: {من القالِيْن} صفةٌ لخبرٍ محذوفٍ. وهذا الجارُّ متعلِّقٌ به. أي: إنِّي قالٍ لِعملكم من القالِيْنَ.
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)}.
قوله: {فَسَاءَ مَطَرُ المنذرين}: المخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ أي: مَطَرهم. والقالي: المُبْغِضُ. يقال: قَلاه يَقْليه قِلَىً ويَقْلاه، وهي شاذَّة. قال:
وتَرْمِيْنَنِيْ بالطَّرْفِ أي أنتَ مُذْنِبٌ ** وتَقْلِينني لكنَّ إياكِ لا أَقْلي

وقال آخر:
واللهِ ما فارَقْتُكم عَنْ قِلَىً لكمْ ** ولكنَّ ما يقضى فسوفَ يكونُ

واسمُ المفعولِ منه: مَقْلِيّ. والأصلُ مَقْلُوْي. فأُدْغِمَ ك مَرْمِيّ قال:
وَلسْتُ بمَقْلِيِّ الخِلالِ ولا قالِ

أي: لا يَبْغُضُني غيري ولا أَبْغَضُه.
وغَلِط بعضُهم فَجَعَلَ ذلك مِنْ قولهم قلا اللحمَ أي: شواه، فكأنه: قلا كَبِدَه بالبُغْض. ووَجْهُ الغَلَطِ: أنَّ هذا من ذواتِ الياءِ، وذَلك من ذواتِ الواوِ. ويُقال: قلا اللحمَ يَقْلُوه قَلْوًا فهو قالٍ كغازٍ، ومَقْلُوٌّ. اهـ.

.تفسير الآيات (176- 191):

قوله تعالى {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ثم وصل بذلك دليله، فقال مذكرًا الفعل لشدة كفرهم بدليل ما يأتي من إثبات الواو في {وما أنت إلا بشر مثلنا}: {كذب أصحاب لئيكة} أي الغيضة ذات الأرض الجيدة التي تبتلع الماء فتنبت الشجر الكثير الملتف {المرسلين} لتكذيبهم شعيبًا عليه السلام فيما أتى به من المعجزة السماوية في خرق العادة وعجز المتحدّين بها عن مقاومتها- لبقية المعجزات الآتي بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام {إذ قال لهم}.
ولما كانوا أهل بدو وكان هو عليه السلام قرويًا، قال: {شعيب} ولم يقل: أخوهم، إشارة إلى أنه لم يرسل نبيًا إلا من أهل القرى، تشريفًا لهم لأن البركة والحكمة في الاجتماع، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التعرب بعد الهجرة، وقال: «من يرد الله به خيرًا ينقله من البادية إلى الحاضرة» {ألا تتقون} أي تكونون من أهل التقوى، وهو مخافة من الله سبحانه وتعالى.
ولما كان كأنه قيل: ما لك ولهذا؟ قال: {إني} وأشار إلى تبشيرهم إن أطاعوه بقوله: {لكم رسول} أي من الله، فهو أمرني أن أقول لكم ذلك {أمين} أي لا غش عندي ولا خداع ولا خيانه، فلذلك أبلغ جميع ما أرسلت به، ولذلك سبب عنه قوله: {فاتقوا الله} أي المستحق لجميع العظمة، وهوالمحسن إليكم بهذه الغيضة وغيرها {وأطيعون} أي لما ثبت من نصحي.
ولا قدم ما هو المقصود بالذات.
عطف على خبر {إن} قوله: {وما أسئلكم عليه من أجر} نفيًا لما ينفر عنه؛ ثم زاد في البراءة مما يوكس من الطمع في أحد من الخلق فقال: {إن} أي ما {أجري إلا على رب العالمين} أي المحسن إلى الخلائق كلهم، فأنا لا أرجو أبدًا أحدًا يحتاج إلى الإحسان إليه، وإنما أعلق أملي بالمحسن الذي لا يحتاج إلى أحد، وكل أحد سائل من رفده، وآخذ من عنده ولقد اتضح أن الرسل متطابقون في الدعوة في الأمر بالتقوى والطاعة والإخلاص في العبادة، مع النصح والعفة، والأمانة والخشية والمحسبة.
ولما كان كأنه قيل: ما الذي تنعى فيه؟ قال: مبينًا أن داءهم حب المال، المفضي لهم إلى سوء الحال، {أوفوا الكيل} أي أتموه إتمامًا لا شبهة فيه إذا كلتم كما توفونه إذا اكتلتم لأنفسكم.
ولما أمرهم بالإيفاء نهاهم عن النقص على وجه أعم فقال: {ولا تكونوا} أي كونًا هو كالجبلة، ولعله إشارة إلى ما يعرض من نحو ذلك من الخواطر أو الهيئات التي يغلب الإنسان فيها الطبع ثم يرجع عنها رجوعًا يمحوها، ولذلك قال: {من المخسرين} أي الذين يخسرون- أي ينقصون- أنفسهم أديانها بإخسار الناس دنياهم بنقص الكيل أو غيره من أنواع النقص من كل ما يوجب الغبن، فتكونوا مشهورين بذلك بين من يفعله.
ولما أمر بوفاء الكيل، أتبعه بمثل ذلك في الوزن، ولم يجمعهما لما للتفريق من التعريف بمزيد الاهتمام فقال: {وزنوا} أي لأنفسكم وغيركم {بالقسطاس} أي الميزان الأقوم؛ وأكد معناه بقوله: {المستقيم}.
ولما أمر بالوفاء في الوزن، أتبعه نهيًا عن تركه عامًا كما فعل في الكيل ليكون آكد فقال: {ولا تبخسوا} أي تنقصوا {الناس أشياءهم} أي في كيل أو وزن أو غيرهما نقصًا يكون كالسبخة لا فائدة فيه.
ثم أتبع ذلك بما هو أعم منه فقال: {ولا تعثوا} أي تتصرفوا {في الأرض} عن غير تأمل حال كونكم {مفسدين} أي في المال أو غيره، قاصدين بذلك الإفساد- كما تقدم بيانه في سورة هود عليه السلام.
ولما وعظهم فابلغ في وعظهم بما ختمه بالنهي عن الفساد، خوفهم من سطوات الله تعالى ما أحل بمن هو أعظم منهم فقال: {واتقوا الذي خلقكم} أي فإعدامكم أهون شيء عليه، وأشار إلى ضعفهم وقوة من كان قبلهم بقوله: {والجبلة} أي الجماعة والأمة {الأولين} الذين كانوا على خلقة وطبيعة عظيمة كأنها الجبال قوة وصلابة لاسيما قوم هود عليه السلام الذين هم عرب مثلكم، وقد بلغت بهم الشدة في أبدانهم، والصلابة في جميع أركانهم، إلى أن قالوا {من أشد منا قوة} [فصلت: 15] وقد بلغكم ما أنزل بهم سبحانه من بأسه، لأن العرب أعلم الناس بأخبارهم.
ولما كان الحاصل ما مضى الإعلام بالرسالة، والتحذير من المخالفة، لأنها تؤدي إلى الضلالة إلى أن ختم ذلك بالإشارة بالتعبير بالجبلة إلى أن عذابه تعالى عظيم، لا يستعصي عليه صغير ولا كبير، أجابوه بالقدح في الرسالة أولًا، وباستصغار الوعيد ثانيًا، بأن {قالوا إنما أنت من المسحرين} أي الذين كرر سحرهم مرة بعد أخرى حتى اختبلوا، فصار كلامهم على غير نظام، أو من المعللين بالطعام والشراب كما مضى في صالح عليه السلام، أي فأنت بعيد من الصلاحية للرسالة: ثم أشاروا إلى عدم صلاحية البشر مطلقًا لها ولو كانوا أعقل الناس وأبعدهم عن الآفة بقولهم، عاطفين بالواو إشارة إلى عراقته فيما وصفوه به من جهة السحر والسحر، وأنه لا فرق بينه وبينهم: {وما أنت إلا بشر مثلنا} أي فلا وجه لتخصيصك عنا بذلك، والدليل على أن عطف ذلك أبلغ من إتباعه من غير عطف جزمهم بظن كذبه في قولهم؛ {وإن} أي وإنّا {نظنك لمن الكاذبين} أي العريقين في الكذب- هذا مذهب البصريين في أن {إن} مخففة من الثقيلة، والذي يقتضيه السياق ترجح مذهب الكوفيين هنا في أن {إن} نافية، فإنهم أرادوا بإثبات الواو في {وما} المبالغة في نفي إرساله بتعداد ما ينافيه، فيكون مرادهم أنه ليس لنا ظن يتوجه إلى غير الكذب، وهو أبلغ من إثبات الظن به، ويؤيده تسبيبهم عنه سؤاله استهزاء به وتعجيزًا له إنزال العذاب بخلاف ما تقدم عن قوم صالح عليه السلام، فقالوا: {فأسقط علينا كسفًا} بإسكان السين على قراءة الجماعة وفتحها في رواية حفص، وكلاهما جمع كسفة، أي قطعًا {من السماء} أي السحاب، أو الحقيقة، وهذا الطلب لتصميمهم على التكذيب، ولو كان فيهم أدنى ميل إلى التصديق لما أخطروه ببالهم فضلًا عن طلبه ولاسيما كونه على وجه التهكم، ولذلك قالوا: {إن كنت} أي كونًا هو لك كالجبلة {من الصادقين} أي العريقين في الصدق، المشهورين فيما بين أهله، لنصدقك فيما لزم من أمرك لنا باتخاذ الوقاية من العذاب من التهديد بالعذاب، وما أحسن نظره إلى تهديده لهم بما لله عليهم من القدرة في خلقهم وخلق من كانوا أشد منهم قوة وإهلاكهم بأنواع العذاب لما عصوه بتكذيب رسله.
ولما كان عذاب العاصي يتوقف على العلم المحيط بأعماله، والقدرة على نكاله، استأنف تعالى الحكاية عنه في تنبيهه لهم على ذلك بقوله: {قال} مشيرًا إلى أنه لا شيء من ذلك إلا إلى من أرسله، وهو متصف بكلا الوصفين، وأما هو فإنه وإن كان عالمًا فهو قاصر العلم فهو غير قادر: {ربي أعلم} أي مني {بما تعملون} لأنه محيط العلم فهو شامل القدرة، فهو يعلم استحقاقكم للعذاب، ومقدار ما تستحقون منه ووقت إنزاله، فإن شاء عذبكم، وأما أنا فليس عليّ إلا البلاغ وأنا مأمور به، فلم أخوفكم من نفسي ولا ادعيت قدرة على عذابكم، فطلبكم ذلك مني ظلم منكم مضموم إلى ظلمكم بالتكذيب.
ولما كان محط كلامهم كله على تكذيبهم له من غير قدح في قدرة الخالق، سبب العذاب عن تكذيبهم فقال: {فكذبوه} أي استمروا على تكذيبه {فأخذهم} أي أخذ ملاك {عذاب يوم الظلة} وهي سحابة على نحو ما طلبوا من قطع السماء، أتتهم بعد حر شديد نالهم حتى من الأسراب في داخل الأرض أشد مما نالهم من خارجها ليعلم أن لا فاعل إلا الله، وأنه يتصرف كيف شاء على مقتضى العادة وغير مقتضاها فوجدوا من تلك الظلة نسيمًا باردًا، وروحًا طيبًا، فاجتمعوا تحتها استرواحًا إليها واستظلالًا بها، فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا بنحو مما اقترحوا وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، فنفذت فيهم سهام القدرة.
ولم يجدوا من دونها وقاية ولا سترة من غير أن تدعو حاجة إلى سقوط شيء من جرم السماء، ولا بما دونها من العماء.
ولما كان الحال موجبًا للسؤال عن يوم الظلة، قال تعالى مهوّلًا لأمره ومعظمًا لقدره: {إنه كان} فأكد ب إن وعظم ب {كان} {عذاب يوم عظيم} وزاده عظمًا بنسبته إلى اليوم فصار له من الهول، ببديع هذا القول، ما تجب له القلوب وتعظم الكروب.
ولما كان لتوالي الإخبار بإهلاك هذه القرون، وإبادة من ذكر من تلك الأمم، من الرعب ما لا يبلغ وصفه، ولا يمكن لغيره سبحانه شرحه، قال تعالى مشيرًا إليه تحذيرًا من مثله: {إن في ذلك} أي الأمر العظيم من الإنجاء المطرد لكل رسول ومن أطاعه، والأخذ المطرد لمن عصاه في كل عصر بكل قطر، بحث لا يشذ من الفريقين إنسان قاص ولا دان {لآية} أي لدلالة واضحة عظيمة على صدق الرسل وأن يكونوا جديرين بتصديق العباد لهم في جميع ما قالوا من البشائر والنذائر بأن الله تعالى يهلك من عصاه، وينجي من والاه، لأنه الفاعل المختار، لا مانع له، ولاسيما أنت وأنت أعظمهم منزلة، وأكرمهم رتبة، ولاسيما وقد أتيت قومك بما لا يكون معه شك لو لم يكن لهم بك معرفة قبل ذلك، فكيف وهم عارفون بأنك كنت قبل الرسالة أصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، وأغزرهم عقلًا، وأوضحهم نبلًا، وأعلاهم همة، وأبعدهم عن كل دنس- وإن قل- ساحة؛ ثم عجب من توقفهم في الإيمان مع ما عرفوا من صدق نبيهم وطهارة أخلاقه، ووفور شفقته عليهم، ولم يخافوا من مثل ما تحقفوه من إهلاك هذه الأمم فقال: {وما كان أكثرهم} أي أكثر قومك كما كان من قبلهم مع رؤية هذه الآيات، وإحلال المثلات حتى لكأنهم تواصوا بذلك {مؤمنين} أي عريقين في الإيمان، بل ما يؤمنون إلا وهو مشركون.
ولما كان هذا كله تأسية للداعي صلى الله عليه وسلم، وتهديدًا لمن تمادى على تكذيبه، وترجية لمن رجع عن ذنوبه، أشار إلى ذلك بقوله: {وإن ربك} أي المحسن إليك بكل ما يعلي شأنك، ويوضح برهانك {لهو العزيز} فلا يعجزه أحد، ولا ينسب في إمهال عاص إلى إهمال ولا عجز {الرحيم} فلا يأخذ إلا بعد تجاوز الحد، واليأس عن الرد، مع البيان الشافي، في الإبلاغ الوافي، والتلطف الكافي، وكرر الختام بهذا الكلام في هذه السورة ثماني مرات فلعل من أسراره الإشارة إلى سبق الرحمة للغضب، لأن من السورة- المفتتحة بالكتاب القيم والعبد الكامل بالإضافة إلى الملك الأعظم اللذين هما رحمة الخالق للخلائق، وذكر فيها مع تقديمها في الترهيب أهل الرحمة من أهل الكهف الذين قالوا {هب لنا من لدنك رحمة} وموسى والخضر عليهما السلام اللذين آتى كلا منهما من لدنه رحمة، وذا القرنين الذي آتاه من كل شيء سببًا فأتبع سببًا وقال: {هذا رحمة من ربي}- إلى سورة الرحمة بإنزال الفرقان على عبده المضاف إليه للإنذار المؤذن بصفة العزة- ثماني سور، فكل منهما ثامنة الأخرى، وافتتحت السورة الوالية للفرقان تفصيلًا لما في أول الكهف بقوله: {لعلك باخع نفسك} وبذكر ما على الأرض من زينة {ألم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} كل ذلك تذكيرًا بما في تلك من الكتاب الجامع بالرحمة، وتحذيرًا مما في القرآن من الإنذار الفارق بالعزة، فلما كان ذلك كررت صفتا العز التي أذنت بها الفرقان، والرحمة التي صرحت بها الكهف ثماني مرات بحسب ذلك العدد، تذكيرًا بهذا المعنى البديع، وترغيبًا وترهيبًا وتذكيرًا بأبواب الرحمة الثمانية مع ما لختم القصص بذلك من الروعة في النفس، والهيبة في القلب، والأنس البالغ للروح، وقدمت هنا صفة العزة الناظرة للإنذار بالفرقان على طريق النشر المشوش مع ما اقتضى ذلك من الحال هنا وجعلت القصص سبعًا تحذيرًا من أبواب النقمة السبعة- إلى غير ذلك من الأسرار التي لا تسعها الأفكار. اهـ.